كيف تختار موضوع بحثك العلمي؟

كيف تختار موضوع بحثك العلمي؟

لا شك أن إيجاد الموضوع المناسب لورقتك البحثية يتطلب إتقان الموضوع العلمي المختار. من الضروري أيضًا أن تكون مهتمًا بالبحث وأن تكون على استعداد للمساهمة في المعرفة الحالية، بل يجب أن تُوفر الورقة البحثية الجيدة وجهة نظرك الفريدة حول موضوع ما، وتوسع إمكانيات الدراسات المستقبلية.

ومع ذلك، قد يكون من الصعب اختيار الموضوع العلمي للبحث الذي يثير اهتمامك ويمكن إجراؤه في إعدادات بسيطة، حيث إنك ستحتاج أيضًا إلى قراءة الأدبيات حول القضية المختارة وتجميع البيانات. وفي هذا الصدد، إليك أهم الخطوات التي تساعدك على اختيار موضوع علمي لورقتك البحثية القادمة، والتي ستتناولها هذه المقالة المُقتبسة من كتاب "فن كتابة البحوث العلمية وإعداد الرسائل الجامعية"، لـ "د. محمد عثمان الخشت". 

لعل أول مشكلة ضخمة تقابل معظم الباحثين المبتدئين والطلاب كذلك هي تحديد موضوع يصلح لبحث يمكن الحصول به على درجة علمية عُليا! ويرجع سبب هذه المشكلة غالبًا إلى عدم معرفة الباحث المبتدئ أو الطالب بشروط اختيار الموضوع ومبا- المراجع الَّتِي ينشد فيها الباحث طَلِبَتَه.- المراجع الَّتِي ينشد فيها الباحث طَلِبَتَه.دئه، وإلى محدودية درايته بميدان تخصصه، وطبيعة مشكلاته ومعضلاته.

ولذا في هذه المقالة، سنقدم لكم محاولة الكاتب في تحديد المعالم الأساسية التي تُوقف الباحث على كيفية الوصول إلى تحديد موضوع بحثي يمكن أن تدور حوله رسالته العلمية المقبلة، سواء كانت رسالة ماجستير أو دكتوراه أو بحث علمی من أي نوع آخر، وذلك بهدف وضع القارئ، سواء كان باحثًا أو طالبًا، أمام اختبار محدد يمكن أن يجريه على أي موضوع علمي حتى يختبر به درجة صلاحيته وإمكانية تنفيذه، ثم نوضح له شروط الأسلوب العلمي في صياغة عنوان البحث، وهو ما سنتناوله في مقالات أخرى قادمة. 

الشروط والمبادئ العامة لاختيار موضوع البحث العلمي:

  1. أول شرط ينبغي مراعاته هو اتباع السنن والقواعد التي تسير عليها الهيئة العلمية التي يتبعها الباحث: فلكل هيئة علمية فلسفتها المحددة التي تعمل وفقًا لها في البحث العلمي بما يتلاءم مع طبيعة الميدان المتخصصة فيه والواجبات المنوطة بها. وهذا يعني أن الهيئة لا تسمح بعمل أي شيء، وإنما تسمح فقط بالأبحاث التي تسير في فلك اهتمامها. 

  2.  أن يكون الباحث على دراية بامكانيات الهيئة المنتمي إليها أو التي يُسجل فيها بحثه: فلا شك أن دراية الباحث أو الطالب بهذه الإمكانيات يجعله يعرف طبيعة الموضوعات التي يتيسر بحثها أكثر مما سواها.

  3. أن يقوم الباحث بنوع من الاستبطان الداخلي لتكوينه العلمي والفكري: محاولًا الوقوف على القضايا والمشاكل التي تُثير شغفه العلمي، و تحفزه إلى البحث والدراسة. ولا ريب أن الصعوبات والمشاكل التي صادفت الباحث في حياته، سواء كانت: عملية أو نظرية، تدفعه غالبًا إلى محاولة إيجاد حلول لها. وهنا يكون الدافع الخاص والحماس الذاتي نبعًا فيّاضًا يمده بطاقة دافعة إلى العمل المتواصل الخلّاق. 

  4.  أن يكون الموضوع جديدًا لم يسبق بحثه كليًا أو جزئيًا: وتتحدد جِدة الموضوع على أساس مجموعة من المعايير، منها:

  • الكشف عن جانب محجوب من الحقيقة.

  • تقديم تفسير جديد. 

  • تصحيح خطأ علمي.

  •  إكمال جانب مّا ما يزال ناقصًا.

  •  تعديل رؤية معكوسة

  • شرح أمر غامض مبهم.

  • التأليف بين أمور مشتتة.

  • جمع نظريات متفرقة وتنظيمها، حيث يُفيد جمعها وتنسيقها في إعطاء رؤية جديدة لموضوع مّا.

  • أن يكون الموضوع لم يتم تناوله بلغة الباحث الوطنية، كأن يكون قد تم معالجته باللغة الإنجليزية مثلًا، ولكن حتى الآن لم يتم معالجته باللغة العربية.

وأفضل أنواع البحوث العلمية على الإطلاق هو الذي يحل، أو يساهم في حل، مشكلة عملية أو فكرية تمس الواقع المعاصر أو المستقبلي للباحث أو الطالب.

  1. أن تكون مصادر الموضوع ومراجعة متوافرة: حتى يتمكن الباحث من إنجاز بحثه على أكمل وجه؛ ولذا فيجب عليه أن يطمئن إلى إمكانية الحصول على كل ما يحتاج إليه من مصادر ومراجع، عن طريق الشراء، أو الاستعارة، أو التصوير، أو الاطلاع الداخلي في المكتبات المعنية.

  2. أن يكون الباحث قادرًا على التعامل المباشر مع مظان البحث: والمقصود بـ مظان البحث: "المراجع الَّتِي ينشد فيها الباحث طَلِبَتَه". ولاسيما إذا كانت هذه المظان "المراجع" بلغات أجنبية، فعليه أن يتأكد من توافرها باللغة الأجنبية التي يُتقنها. وإذا كان لدى الباحث أو الطالب الوقت الكافي لتعلم لغة أجنبية جديدة تمكنه من التعامل المباشر مع بعض مظان "مراجع" بحثه، فعليه أن يغتنم هذه الفرصة؛ لأنها ستُضِيف إليه الشيء الكثير. 

  3. يجب أن يكون موضوع البحث محددًا مكثفًا بعيدًا عن العمومية: فالموضوعات العامة لا تصلح للبحث العلمي. وإن كان من الممكن تناولها فهذا فقط في نطاق الكتب لا الرسائل الأكاديمية. فقد اصطلح أهل البحث العلمي منذ أمد على حتمية أن يكون موضوع البحث في نقطة محددة جدًا، ثمّ التعمق بها والحفر فيها حتى أقصى مدى. 

ومن الأمور الشائعة أن نرى كثيرًا من الباحثين المبتدئين أوالطلاب يقعون في "فخ" موضوعات شديدة العمومية، متنوعة الآفاق. ويعجز البعض منهم عن التوصل إلى موضوع محدد.

 ويمكن لباحث من هذا النوع أن يتبع الطريقة الآتية حتى تمكنه من: "الوصول إلى موضوع بحث محدد من موضوع عام جدًا".

  •  ولنضرب مثلًا على ذلك -أولًا- من مجال الفلسفة: 

  • موضوع شديد العمومية: نظرية المعرفة.

  •  موضوع عام: نظرية المعرفة في الفكر الأوروبي.

  • موضوع أدنى عمومية: نظرية المعرفة في الفلسفة الأوروبية الحديثة.

  • موضوع محدود العمومية: نظرية المعرفة في الفلسفة الألمانية. 

  • موضوع محدد جدًا: نظرية المعرفة عند ليبنتز. 

  • ولنضرب مثلًا آخر من مجال العلوم الشرعية: 

  • موضوع شديد العمومية: الفقه الإسلامي بين أهل الرأي وأهل الحديث.

  • موضوع عام: الفقه الإسلامي عند أهل الرأي.

  • موضوع أدنى عمومية: القواعد الفقهية عند أهل الرأي.

  •  موضوع محدود العمومية: مصادر التشريع عند أهل الرأي.

  • موضوع محدد جدًا: موقف أهل الرأي من السنة كمصدر من مصادر العقيدة والتشريع.

        وهناك مثلًا ثالثًا من مجال علم النفس:

  • موضوع شديد العمومية: توكيد الذات. 

  • موضوع عام: توكيد الذات عند الشعب السعودي. 

  • موضوع أدنى عمومية: أبعاد توكيد الذات عند الشباب السعودي المثقف.

  •  موضوع محدود العمومية: أبعاد توكيد الذات عند طلاب جامعة الملك سعود.

  • موضوع محدد جدًا: أبعاد توكيد الذات عند طلاب قسم اللغة العربية بآداب جامعة الملك السعود في النصف الأول من الثمانينات.

لاحظ طول هذا العنوان الأخير رغم أنه يتناول موضوع محدد جدًا. ومع ذلك فهي سُنة تُجيزها بعض الأقسام العلمية في الكليات المختلفة.

  1. أن يكون للبحث فائدة علمية أو عملية: سواء للباحث، أو للهيئة العلمية التي يتبعها، أو هيئات أخرى، أو المجتمع. ولا يعني هذا حتمية أن يكون للبحث ثمرات في مجال التطبيق العملي وإلا فلا.

  وإنما نقصد الفائدة أيًا كان نوعها: نظرية أو عملية؛ فكثير من الأبحاث ليس لها فوائد تطبيقية، ومع   ذلك تكون ذات قيمة وعائد على البشرية من أي بحث تطبيقي، وثمة عدد غير قليل من الأبحاث  النظرية الصرفة لم يكن يظن أصحابها على الإطلاق إمكانية أن تصبح ذات عائد عملي، ومع ذلك  جاءت الأيام التي تمخضت فيه هذه البحوث عن تطبيقات أفادت البشرية الفوائد العظام. 

وأخيرًا، تأكد من تضييق نطاق موضوعك عدة مرات قبل أن تختار الموضوع النهائي الذي تريد كتابة ورقة بحثية عنه. ثمّ قم بإجراء أي تغييرات في هذه الخطوة وسوف تشكر نفسك لاحقًا، واطلب المساعدة من أستاذك إذا لم تكن متأكدًا مما إذا كان الموضوع الذي اخترته سيعمل أم لا.

كما يمكنكم طلب المساعدة في إعداد المادة العلمية لجميع الأبحاث العلمية والأكاديمية بشكل علمي من خلال كادر مؤهل لذلك عبر خدمة إعداد المواد التدريبية المتخصصة في جميع المجالات. 

0