شخصيات وأنماط المدربين وأثرها على المتدربين (الجزء التانى)

شخصيات وأنماط المدربين وأثرها على المتدربين (الجزء التانى)

كنا قد تناولنا في المقالة السابقة والتي بعنوان " شخصيات وأنماط المدربين وأثرها على المتدربين (الجزء الأول)"، والتي فيها ناقشنا أهمية المدربين وخصائص شخصياتهم وأثرها على متدربيهم. وهذه الأنواع كانت كالآتي: "المدرب المبهر/ المسيطر، المدرب المفكر، المدرب المهرج، المدرب الحاكم، المدرب الآلي، المدرب المكوكي، المدرب الجليدي.". والآن سنستكمل معًا بهذا المقال قائمة أنماط المدربين المختلفة وأثرها على المتدربين. 

ولكن - بادئ ذي بدء- لا بد أن نذكركم أنه يتم اختيار المدربين بناءً على حاجة المدراء التنفيذيين أو المتعلم نفسه في التطوير والتدريب في مجال معين، وهكذا سيتوفر على الأرجح عدة أنواع من المدربين. من واقع خبرتنا، نقوم باختيار المدربين -في الأعمال التجارية- على أساس خمسة مستويات: 

  • المستوى التنظيمي
  • مستوى القيادة
  •  مستوى الفريق 
  • مستوى المهارات الشخصية 
  • المستوى الشخصي.

 

واستكمالًا لما بدأناه في المقالة السابقة، إليكم الجزء الثاني والأخير من قائمة شخصيات المدربين وأنماطهم وأثرها على المتدربين، والمقتبس من كتيب "قراءات مقترحة لامتحان تدريب المتدربين".

أنماط المدربين وأثرها على المتدربين

فيما يأتي الجزء الأخير من أبرز أنواع المدربين وشخصياتهم وأنماطهم: 

  1. المدرب الملتزم 

ويتصف هذا المدرب بما يأتي:

  • يقرأ المادة التدريبية للحقيبة التدريبية أو يطلب من المتدربين قراءتها. 
  • لا يفضل الوقوف ولا يبتعد عن منصة التقديم. 
  • لا يستخدم أية أدوات. 
  • يستعرض المادة التدريبية بطريقة مجموعة الدروس الخصوصية 
  • لا يكترث برأي المتدربين وتقييمهم. 
  • يتعامل مع حرفيات النصوص التدريبية. 
  • لا يعرف المرح.
  • مواعيد التدريب لديه تأتي في المقام الأول.
  1. المدرب الحر

ويتصف هذا المدرب بما يأتي: 

  • العبرة بما يحب أن يقدم أو يدرب، وليست العبرة بما هو مطلوب منه. 
  • يخرج عن السيناريو السابق إعداده. 
  • يثير اهتمام المتدربين بقضايا فرعية، لا علاقة لها بموضوع الدروة التدريبية. 
  • يشد انتباه المتدربين إلى الموضوعات التي "يجيدها هو"، وليست الموضوعات المخطط لتدريبها. 
  • يحقق ذاته من خلال ما يُطرح، وليس من خلال ما يقدمه الآخرين. 
  • مدير لذاته وليس مديرًا للتعلم، هدفه الإبهار اللحظي وإدخال المتدربين في حلقة وهمية أساسها الإحساس الوهمي بالحاجة إليه والرغبة المؤقتة في الاستماع إليه، وسرعان ما يتساقط هذا الوهم عندما يدرك المتدربون أنهم لم يقدموا شيئًا. 
  1. المدرب المحبط 

وتتمثل سمات هذا المدرب فيما يلي:

  • يُفرط في طرح النماذج والحالات التي تثير إحباط المتدربين.
  • يتحدث عن الكمال والمثال والنماذج التي يجب أن تكون ولا يُشبه أيًّا منها. 
  • يُهاجم كل جهد محليّ، في حين يعظّم كل فكر أجنبي.  
  • يسخر من الممارسات الإدارية المحلية الناجحة. ً
  • يُلقي التبعة على المسؤولين، ويُولي من نفسه مصلحًا إداريًا وعالمًا اجتماعيًا وخبيرًا في كل الأمور. 
  • يترك المتعلمين وهم فاقدو الأمل والرؤية. 
  •  يدعم لدى المتدربين الإحساس بالعدم واللاجدوى.  
  • يشبع غروره بما يحصل عليه من همسات ولمسات تأييد من مدمني الفشل من بين الحاضرين. 
  • لا يضيف جديدًا ويربط كل فكرٍ جديد يطرحه بضرورة إحداث ثورة إدارية شاملة لتطبيقه، وإلا فلا فائدة. 
  •  يهاجم المتعلمين ويشعرهم بعجزهم العلمي، ويصرح بتفوقه الأكاديمي عليهم.  
  •  يميل إلى الغرور والتكبّر والتعالي. 
  • لا يُجيد استخدام أساليب التدريب، ويُفضّل  المحاضرة أو التدريب جلوسًا. 
  1. المدرب المشتِّت:

ويتسم هذا المدرب بالصفات التالية: 

  • يبدأ بداية قوية محددًا ﻷﻫم اﻟﻌﻨﺎصر اﻟﺘﻲ سيتناوﻟﻬﺎ، يعقب ذﻟك الدخول ﻓﻲ تفاصيل فرعية شديدة التنوع ينتهي منها بمجموعة  جديدة من التفاصيل الفرعية الأخرى اللانهائية التي تربك المتدرب وتعجزه عن مواصلة تتبع الفكرة الرئيسية، وعندئذٍ يفقد المتدرب المتابعة وخط الفكر الرئيسي، ويكتفي بتأييده تعبيريًا وليس وجدانيًا أو فكريًا (كأن يهز رأسه موافقًا).
  • الأهم من ذلك أن المدرب نفسه قد يفقد الطريق فلا يعرف كيف يعود إلى نقطة البداية، فيضيع الوقت دون أن يحقق الهدف. 
  • يكرر دائمًا عبارات تزيد من تشتت المجموعة، مثل: سنرى ذلك فيما  بعد، الوقت لا يسمح لنا بتغطية هذه النقطة،... إلخ. 
  • نادرًا ما يستخدم المعينات السمعية والبصرية. 
  • لا يجيد مهارة التلخيص.
  1. المدرب المطلق للأحكام 

ويُعد المدرب المطلق للأحكام هو الشخص الذي يتصرّف وكأنه القاضي والحاكم بأمره، والذي تتحكّم آراؤه المسبقة في تحديد ردود فعله تجاه الأشخاص والأحداث، ويتصف هذا النمط من المدربين بما يأتي: 

  • ينحاز إلى طرف ضد آخر دون أيّ مبرر أو سبب معقول. 
  • يعتمد في الحكم على الأمور على معاييره الشخصية. 
  • يُكثر من الوعظ والنقد والرفض، الأمر الذي يؤدي إلى شعور المشاركين بالاستياء والغضب حينًا، وبالإحباط والخيبة والفشل حينًا أخرى.
  • تتحكّم في سلوكه آراؤه الخاصّة، الأمر الذي يترك في المتدربين مشاعر الجبن والإحباط. 
  1. المدرب المتهكم 

وهو هذا النوع من المدربين الذي يدلي بملاحظاته الساخرة دون أن يراعي وقعها على الآخرين. ويتصف هذا المدرب بما يأتي: 

  • يعلق باستهزاء وسخرية على أيّ حدث داخل القاعة التدريبية أو تصرف يمر أمامه. 
  • يسعى دائمًا لاستفزاز الذين يتعامل معهم من خلال أسلوبه في التعامل. 
  • يحط بملاحظاته الساخرة من قيمة غيره. 

وبالتالي: 

  • يخلق في القاعة التدريبية حالة من التوتر والعدوانية. 
  • يؤدي إلى عدم تعاون المتدربين مع المدرب 
  • يجرح مشاعر بعض المتعلمين دون قصد. 
  • يلحق الأذى النفسي بالمتدربين. 
  • يساهم في زعزعة ثقة بعض المتدربين المشاركين بأنفسهم. 
  • يثير استياء المتدربين وغضبهم في معظم الأحيان. 
  • يدفع المتدربون إلى استخدام نفس الأسلوب في تعاملهم معك، بما يؤثر سلبًا فيك وفي علاقتك بهم.

وهنا نؤكد أن الإنجاز التدريبي وسلوك المتدرب يتأثران بنوعية العلاقة بين المدرب والمتدرب، فالمتدربون يفضلون المدربين المعروفين بدفئهم، والمتدربون الذين يشعرون باحترام مدربيهم يحققون إنجازات أكبر، ويتميزون بسلوكيات منتجة أكثر من المتدربين الذين يشعرون باحتقار مدربيهم لهم . وفيما يلي مجموعة من الخطوط العامة في بناء علاقة إيجابية، والتي تساعد المدرب المتهكم في الحد من سلبيات نمطه التدريبي: 

  •  استخدم مهارات العلاقات الإنسانية: عندما تتعلم ضبط البيئة التدريبية تحتاج لمهارات العلاقة الإنسانية. هناك أربع مهارات للعلاقات الإنسانية العامة التي تنطبق على كل إنسان تقريبًا وفي كل المواقف: "الصداقة، الموقف الإيجابي، القدرة على الاستماع والإنصات، والقدرة على المجاملة بصدق". وعند العمل مع المتدربين، أعِزْهم انتباهك المنتظم، واستخدم التعزيز، وأظهر الرغبة المستمرة في تقديم المساعدة، ومارس الكياسة والأخلاق الحميدة أمامهم، وكن لهم قدوةً حسنة.
  •  مكمن من النجاح: يحتاج المتدربون للمرور بتجربة النجاح، فللخبرات الناجحة أثر كبير في تطوير مشاعر الثقة بالنفس وفي قيمتها، لذا يجب إعطاء المتدربين الفرصة لتحقيق إنجازات حقيقية وتحسينات مرموقة. 
  •  كن مبادرًا بتوجيه الدعوات والتشجيع: على المدرب أن يطور مواقف وسلوكيات تدعو المتدربين وتشجعهم على التدرب، فالتدريب التشجيعي يقوم على أربعة مبادئ : 
  1. المتدربون قادرون، وذوو قيمة،  ومسؤولون، ويجب معاملتهم على هذا الأساس.
  2. يجب أن يكون التدريب نشاطًا تعاونيًا.
  3. يمتلك المتدربون -نسبياً- قدرة كافية لا حدود لها في كل مجال التطور الإنساني.
  4. يُمكن تحقيق هذه القدرة على أفضل وجه بالأماكن والسياسات والبرامج التدريبية التي صُممت خصيصًا لتشجع على التطور وبالأفراد الذين يشجعون أنفسهم والآخرين. 
  • استخدم مهارات التواصل الفعالة: لا تقل مهارات الاستقبال أهمية عن مهارات الإرسال. فعندما تستمع جيدًا للمتدربين يمكنك مساعدتهم على الشعور بأهميتهم وبأنهم أناس مقبولون ومحترمون وقادرون على تحمل المسؤولية تجاه سلوكهم، أو يمكنك مساعدة هؤلاء المشاركين على التعبير عن مشاعرهم وحل نزاعاتهم. وغالبًا لا ينصت المدربون للمتدربين إنصاتًا كاملًا، ويقدمون لهم الإجابات السريعة بدلًا من الاستماع إليهم ومساعدتهم.
  • كن عادلًا وثابتًا على المبدأ: يحتاج المتدربون أن يعاملوا بعدل وإنصاف ويرفضون التعامل التمايزي. وتثبت مصداقية المدرب عمومًا عندما تتوافق الكلمات مع الأفعال والإشارة بذلك للمتدربين كلما كان ذلك ضروريًا . لا يعني الثبات على المبدأ أن تتصرف بنفس الطريقة بل على العكس من ذلك أن تكون أحكامك ثابتة وموثوقة.
  • أظهر الاحترام والمحبة للمتدربين: عليك أن تحب المتدربين وتحترمهم كأفراد ويأتي التعبير عن سرورك واهتمامك لصالحهم من خلال نبرة الصوت والتعابير الوجهية وأمور سلوكية روتينية أخرى . المتدربون الذين يحبون مدربيهم من المحتمل أن يأخذوا عنهم ويقلدوهم في سلوكهم ومواقفهم.
  • انقل المواقف والتوقعات للمتدربين وتمثلها في سلوكك: يميل المتدربون إلى عدم الالتزام بما يقوله المدربون وإنما بما يتوقعونه منهم، وعليك التفكير من خلال ما تتوقعه من المتدربين ومن ثمّ قارن إن كان سلوكك يتوافق وينسجم مع هذه التوقعات. فإذا كنت تتوقع من المتدربين أن يكونوا متعاونين مع بعضهم، عليك أن تعامل المتدربين بنفس الطريقة.
  • افتح حوارًا صريحًا مع المتدربين: من المفيد فتح حوارٍ صريح مع المتدربين، ولكن عليك أن تقرر الحد الذي يمكن لهذا الحوار أن يكون صريحًا ومفتوحًا، ويحدد درجة صراحة الحوار وانفتاحه؛ مستويات المتدربين وشخصيتك كمدرب وعوامل أخرى.
  1. المدرب المتسلط 

وهو المدرب المستبد، والمهيمن، الذي يتصرف دائمًأ على أساس أن جميع من حوله غير أكفاء، ولا يمكنه أن يثق بهم أو يعتمد عليهم، كما أنه يضع أمامه هدفًا هو أن تسير كل الأمور بالشكل الذي يريد. 

سمات المدرب 

  • يُسخّر كل شيء للسيطرة على جميع المواقف. 
  • يضع القوانين ويحدد أساليب برنامجه التدريبي ويتخذ جميع القرارات نيابةً عن غيره. 
  • يعتقد اعتقادًا تامًا بأنّه وحده يعرف ما هو الأفضل والأحسن والأنسب. 
  • لا يعطي المتدربين فرصةً لإثبات شخصياتهم المستقلة وبلورتها. 
  • لا يُصغي إلى آرائهم وأفكارهم ومقترحاتهم. 
  • لا يتوقع من المتعلمين سوى الامتثال التام لقوانينه وقراراته.
  • يطلب الطاعة العمياء لأوامره وتعليماته، وبالتالي: 
  • يثير استياء المتدربين منه ويدفعهم للنفور منه. 
  • يُفقِد المتعلمين المشاركين الثقة بأنفسهم ويجعلهم هامشيين. 
  • يدفع المتعلمين ذوي الشخصيات الضعيفة إلى تجنبه، في حين أن ذوي الشخصيات القوية منهم يدفعهم إلى الرد عليه بأسلوب عدائي.
  1. المدرب العصبي

وهو هذا النمط من المتدربين الذي يتقلّب بسرعة فائقة، ولا تستطيع، في كثير من الأحيان، فهم أسباب تقلبه، ويمكن أن تكون عصبيته ناتجة، إمّا من ملاحظة عامة، أو حادثة بسيطة ليست على ذوقه، فيأخذها على محمل الجد، وإمّا من إحساسه بعدم الثقة بالنفس. 

ومن صفات هذا النمط من المدربين ما يلي: 

  • يتحول بسرعة من شخص ذي  مزاج عادي ولطيف ودمِث الأخلاق إلى شخصٍ مشاكس أو فظّ. 
  • ينفجر بسهولة وتثير استياءه أتفه الأمور التي يصعب على غيره ملاحظتها. 
  • يشنّ الهجمات على المتدربين المشاركين قبل أن يشنّها الآخرون عليه. 
  • يطلق العنان لغرائزه ومشاعره فيدعها تتحكّم في تصرفاته. 
  • يترك آثارًا مدمرة على المتعلمين المشاركين الذين يجدون أنفسهم في حالة دائمة من الخوف والشك والحذر. 
  • تفشل العصبية العلاقة مع المتدربين.
  • تساهم عصبية هذا المدرب في تعقيد المشكلة التي تواجهه ولا يحلها، الأمر الذي قد يفرض على المتدربين المشاركين حالة من الحذر والخوف تدفعهم إمّا إلى تجنب التعامل معك، وإمّا إلى التحايل عليه. 

وفي ختام المقالة، إن أحد المفاهيم الخاطئة الأكثر شيوعًا حول التدريب هو أنه يفيد فقط أولئك القادة على المستوى التنفيذي. يمكن أن يكون التدريب فعالًا على أي مستوى، ويمكن للجميع الاستفادة من امتلاك الأدوات لفهم وتنظيم أنفسهم بشكل أفضل.، وكذلك الاستفادة من امتلاك المهارات والموارد لتحسين رفاهيتهم، بل وتطوير القوة العقلية والمرونة.

بغض النظر عن المرحلة التي وصلت إليها في حياتك المهنية- أو ما إذا كنت تعمل مع مدرب شخصي أو محتر - يمكن أن يحدث التدريب فرقًا.

0